ادعمنا

مفهوم الحكم الراشد - The concept of good governance

يعتبر مفهوم الحكم الراشد من المفاهيم التي أثارت جدلاً وخلافاً واضحاً حول تحديد مضمونها وتعريفها على نحو دقيق ومتفق، وبهذا سنحاول التطرق لمفهوم هذا المصطلح من خلال الغوص أكثر في مضامينه.  

 

1- أصل و نشأة مصطلح الحكم الراشد:

وظف مصطلح الحكم (Governance) في لغات مختلفة منذ بضعة قرون، وهذا المصطلح ذو أصل يوناني(kubemân)، وعرف باللاتينية بـ (gubernere)، وهو في اللغة الفرنسية القديمة (القرن 13) مرادف لمصطلح الحكومة (gouvernement) (طريقة وفن الإدارة)، وفي القرن 14 انتقل إلى الانجليزية (governance)، و استعمل هذا المصطلح أيضا في ايطاليا في نفس القرن (القرن 14) بحيث عكست الجدارية التي رسمها "امبريجيو لورنزيتي" في دار بلدية مدينة "سيينا" الإيطالية، تصور مفهوم الحكم الراشد والحكم الفاسد في ذلك الوقت من خلال رسمه لشخصيات رمزية خيالية، فرسم شخصية "جوستيتيا" وهي التي تمثل العدالة، وقد رسمها مرتين تأكيدا على أهميتها بينما رسم شخصية " تيوانيا" للدلالة على الحكم الفاسد والطغيان.

ثم استخدم هذا المصطلح مرة أخرى كمصطلح قانوني في الفرنسية سنة 1478م، ليستعمل في نطاق واسع للتعبير عن عبء الحكومة سنة 1679م. كما برز هذا المفهوم في أدبيات التحليل المقارن للنظم السياسية واستخدم في الوثائق الدولية للأمم المتحدة ومؤسسات التمويل الدولية حيث أضيف له صفة  "الجيد" أي (Bonne gouvernance)، و ترجم هذا المصطلح إلى اللغة العربية من خلال عدة مصطلحات منها: الحكم الراشد أو الرشيد، الصالح، الحكمانية أو الحوكمة، إلا أن أكثر التعابير شيوعا هي "الحكم الراشد" والذي تبنته المبادرة العربية سنة 2005.

و قد طرح هذا المصطلح لأول مرة في نهاية الثمانينات في تقرير البنك الدولي سنة 1989م، والذي تضمن التنمية الاقتصادية ومحاربة الفساد في إفريقيا، حيث تم فيه وصف الأزمة في المنطقة والتي أرجع الخبراء السبب فيها إلى عدم نجاح الإصلاحات الاقتصادية والفشل في تنفيذ السياسات. واستخدم المصطلح فعليا في تلك الفترة من قبل المؤسسات الدولية "البنك الدولي وصندوق النقد الدولي" للتعريف بمعايير السياسة العامة الجيدة في البلدان المطبقة لبرامج التعديل الهيكلي، وأدركت المؤسسات الدولية أن الإصلاحات الاقتصادية لوحدها غير كافية بدون معالجة القضايا السياسية والاجتماعية وأنَّ سبب الفشل يكمن في طبيعة النظم السياسية لدول العالم الثالث التي تتميز بقصور وعجز في الأداء بسبب تفشي الفساد وغياب الإطار المؤسساتي الضامن لحكم القانون، فكان البديل حسب رؤية المؤسسات الدولية يكمن في ترشيد الحكم من خلال وصفة "الحكم الراشد"، وفي بداية تسعينات القرن الماضي أصبح مفهوم الحكم الراشد متداولا في أدبيات السياسة العالمية وفي النقاشات الفكرية.

إذن من خلال هذا الرصد للتطور التاريخي لنشأة الحكم الراشد يتضح لنا أن ظهور هذا المفهوم يعود إلى عدة اعتبارات تتمثل في:

أ- في البداية اقتصر على تحسين مردودية المعونات في البلدان المتلقية من خلال الشروط التي وضعتها المؤسسات المانحة.

ب- أصبح شرطا أساسيا لتحقيق التنمية المستدامة والحد من الفقر من خلال تفعيل قيم الشفافية والمساءلة وإشراك المجتمع المدني ومحاربة كل أشكال الفساد وإهدار المال العام.

كما كمنت أهم دوافع ظهور مفهوم الحكم الراشد إلى دوافع سياسية وإدارية وحتى اقتصادية ومالية، فالدوافع السياسية هي بروز روح النضال السياسي والاجتماعي النشط، الذي ظهر لدى منظمات المجتمع المدني في كل انحاء العالم ودعوة هذه المنظمات إلى إرساء الديمقراطية والمشاركة في صنع القرار العام والحياة السياسية. أما الدوافع الادارية فترجع إلى التغير الحاصل في دور الدولة من فاعل رئيسي في صنع السياسات العامة إلى شريك من بين شركاء متعددين في إدارة شؤون الدولة والمجتمع متمثلين في القطاع الخاص والشركات والمجتمع المدني، الذين فرضوا المزيد من الرقابة والشفافية ووضع السياسة الإنمائية للدولة.

وإذا ما تحدثنا عن الدوافع الاقتصادية والمالية فنجد أنها تمثلت في كل من:

أ- عدم الاستقرار الاقتصادي ما أدى إلى ارتفاع معدلات التضخم والمديونية لدى الكثير من الدول النامية خاصة.

ب- العولمة وما أنجر عنها من تحرير تجار السلع والخدمات، ما أدى إلى انتشار الأزمات إلى خارج حدود الدولة.

ت- فشل المساعدات التي تقدمها الدول المانحة إلى الدول النامية في الحد من الفقر وتعزيز التنمية الاقتصادية وهذا راجع إلى ضعف الإدارة وانتشار الفساد.

ث- تعثر العديد من برامج التكييف والإصلاح الهيكلي التي قدمها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في العديد من الدول النامية بسب الفساد الداخلي وضعف مؤسسات تلك الدول.

أما الدوافع الاجتماعية فنذكر منها:

أ- ضعف مستوى التنمية البشرية.

ب- زيادة الفقر والأمية والأمراض وسوء التغذية.

ت- انتشار البطالة خاصة في دول العالم الثالث.

 

2- تعريف مصطلح الحكم الراشد:

هناك عدة تعاريف لهذا المصطلح، ويثير تعدد هذه التعاريف الجدل حول طبيعة ومحتوى هذا المفهوم على النحو الذي دفع ببعض الباحثين إلى القول بأن تعريف هذا المصطلح تقابله المشاكل العامة التي تقابل التعريفات في العلوم الاجتماعية، والتي تتمثل في تقديم تعريف بسيط وواضح وشامل لعناصر الظاهرة يمكن تعميمه على كافة المجتمعات، حيث كثيرا ما يضحي الباحث بوضوح المعنى في التعريف رغبة في الشمول وإدراج عناصر الظاهرة كافة، أو أن يتم تبسيط التعريف بطريقة تخل بالمعنى، وتعيق الباحث عن الرؤية المعمقة للمفهوم،  أو أن يعكس التعريف خصوصية مجتمعات بعينها، حيث تنتفي صفة العمومية من التعريف، الأمر الذي يضعف من قوته كتعريف علمي.

ومن هنا سنحاول الإلمام بأهم التعريفات التي جاءت لشرح وتفسير مصطلح "الحكم الراشد".

فعلى سبيل المثال نجد تعريف البنك الدولي: لقد قدم البنك الدولي أول تعريف للمفهوم حيث عرفه بأنه أسلوب ممارسة القوة في إدارة الموارد الاقتصادية والاجتماعية للبلاد من أجل التنمية، أي انه أسلوب وطريقة لممارسة القوة في إدارة الموارد الاقتصادية والاجتماعية وهو في هذه الجزئية يكاد يقترب من تعريف عالم السياسة "ديفيد أستون" لعلم السياسة حيث يتضمن كلاهما ممارسة السلطة أو القوة في توزيع القيم.

كما نجد أن "مورتن بوس" "Marten Boos" اعتمد على عنصر التفاعل بين الحكومة والمجتمع المدني الذي اعتبره أسلوب يهتم بالأنظمة التي تشكل مجموعة من المبادئ الأساسية لتنظيم الحياة العامة وما تحتويه من مؤسسات إقتصادية أو إجتماعية.

أما "هيرمنت السنهانس" " Hermat Elsenhans" فيرى أن الحكم الراشد هو إدارة تفاعلات حكومية والغير الرسمية بين مختلف العناصر من الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني.

وعرف "François Xavier Marien" الحكم الراشد بأنه: " يتعلق بشكل جديد من التسيير الفعال، بحيث أن الأعوان من كل طبيعة كانت وكذلك المؤسسات العمومية تشارك بعضها البعض وتجعل مواردها بصفة مشتركة وكل خبراتها وقدراتها وكذلك مشاريعها لتخلق تخالفا جديدا للفعل القائم على تقاسم المسؤوليات". حيث يعطي أهمية كبيرة لعنصر المشاركة بغية تحقيق الأهداف بغض النظر عن أطرافها.

ويعرف "François ascha " الحكم الراشد بأنه اشتراك المؤسسات السياسية الفاعليين الاجتماعيين والقطاع الخاص مع بعضها البعض وتجعل مواردها وبصفة المشتركة وكل خبراتها وقدراتها وكذلك مشاريعها لتحالف تحالف جديد قائم على تقاسم المسؤوليات في العملية اعداد وتنفيذ السياسات القادرة على حفاظ تماسك المجتمع.

برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عرفه على أنه: "هو ممارسة السلطة الاقتصادية والسياسية والإدارية لإدارة شؤون الدولة على كافة المستويات، ويشمل الآليات والعمليات والمؤسسات التي من خلالها يعبر المواطنون والمجتمع عن مصالحهم ويمارسون حقوقهم القانونية ويوفون بالتزاماتهم، ويقبلون الواسطة لحل خلافاتهم".

أما تقرير التنمية الإنسانية العربية فقد عرفه كالآتي: "الحكم الراشد هو الحكم الذي يعزز  ويدعم ويصون رفاه الإنسان ويقوم على توسيع قدرات البشر وخياراتهم وحرصهم وحرياتهم الاقتصادية والاجتماعية و السياسية، و يسعى إلى تمثيل كافة فئات الشعب تمثيلا كاملا وتكون مسؤولة أمامه لضمان مصالح جميع أفراد الشعب".

منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية: لقد عرفت هذه المنظمة الحكم الراشد على أنه "استعمال السلطة السياسية وإجراء الرقابة في المجتمع، مع العلاقة بتسيير الموارد اللازمة لتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية". يتضمن هذا التعريف دور السلطات العامة في إعداد البيئة التي تمكن الفاعلين الاقتصاديين من العمل، وفي تحديد توزيع المزايا، وطبيعة العلاقة بين الحاكم والمحكوم.

 

3- أسس و مبادئ الحكم الراشد: 

تتمثل أهم الأسس والمبادئ التي يقوم عليها الحكم الراشد فيما يلي؛

أ- المشاركة: هي حق الجميع في المشاركة في اتخاذ القرار، إما مباشرة أو بواسطة مؤسسات شرعية تمثل مصالحهم، وترتكز المشاركة الرحبة على حرية التجمع وحرية الحديث وعلى توفر القدرات للمشاركة.

ب- الفعالية والكفاءة: تهدف إلى توفير القدرة على تنفيذ مشاريع بشكل جيد وفي الوقت المناسب وبأدنى التكاليف، وذلك استجابة إلى احتياجات المواطنين وتطلعاتهم على أساس إدارة عقلانية ورشيدة للموارد، وتتوقف كل من الفعالية والكفاءة على عدة مؤشرات منها: كفاءة الموظفين، استقلالية الوظيفة العمومية، الضغط السياسي، مصداقية الحكومة، وإدراك المواطن لنوعية الخدمة العمومية.

ت- الشفافية: نعني توفر المعلومات الدقيقة في مواقيتها وإفساح المجال أمام الجميع للاضطلاع على المعلومات الضرورية والموثقة، مما يساعد في اتخاذ القرارات الصائبة في مجال السياسات العامة.

ث- المحاسبة والمساءلة: تعني تحمل مسؤولية اتخاذ القرار والنتائج المترتبة عليه، وإتاحة الفرص لاستجواب المسؤولين عن تصرفاتهم، وتأخذ المساءلة أشكالا مختلفة فقد تكون مجرد نقاش واستفسار عن حيثيات اتخاذ قرار معين أدى إلى حصول نتيجة، وقد تأخذ أشكالا جزائية وقانونية.

ج- حكم القانون: يعني مرجعية القانون وسيادته على الجميع من دون استثناء انطلاقا من حقوق الإنسان بشكل أساسي، وهو الإطار الذي ينظم العلاقات بين المواطنين من جهة، وبينهم وبين الدولة من جهة ثانية، كما أنه ينظم العلاقات بين مؤسسات الدولة ويحترم فصل السلطات واستقلالية القضاء، وتؤمن هذه القواعد الحقوقية العدالة والمساواة بين المواطنين، وهذا يتطلب وضوح القوانين وشفافيتها وانسجامها في التطبيق.

ح- الإنصاف والمساواة: أي المعاملة عادلة وغير متحيزة للجميع فضلا عن التوزيع العادل لثمار التنمية وأعمالها وتهدف المساواة إلى إعطاء حق جميع النساء والرجال في الحصول على الفرص المتساوية في الارتقاء الاجتماعي من أجل تحسين أوضاعهم.

خ- البناء المؤسساتي: فالحكم الراشد يقوم على مؤسسات (اقتصادية، سياسية، اجتماعية، حكومية، غير حكومية...الخ) فعالة موجودة فعلا وتمارس نشاطها بكل حرية من أجل تحقيق الصالح العام وليست مجرد مؤسسات شكلية.

د- الرؤية الإستراتيجية: وهي الرؤية المنطلقة من المعطيات الثقافية والاجتماعية الهادفة إلى حسن تسيير شؤون الناس وتنمية المجتمع والقدرات البشرية، أي امتلاك القادة والأفراد منظورا واسعا للحكم الراشد والتنمية الإنسانية ومتطلباتها.

ذ- اللامركزية: وهذا بتفعيل مبدأ توزيع السلطات بين أفراد المجتمع، من خلال التوزيعات الجغرافية للدولة بهدف إدارة شؤونها والحفاظ على حقوق الفرد داخلها والتي تشكل بعدا عميقا في تحقيق مفهوم الحكم الراشد، فيشعر الفرد بأنه هو صاحب القرار فيعتمد على نفسه من أجل تحقيق الذات من جهة وأنه تحت المراقبة الشعبية من جهة أخرى.

 

4- الأطراف الفاعلة في تحقيق الحكم الراشد:

إن الحكم الراشد لا يتحقق إلا من خلال مشاركة فعالة لجميع الأطراف المعنية دون إقصاء أو تهميش والمتمثلة في كل من الحكومة، المجتمع المدني والقطاع الخاص.

أ- القطاع الحكومي (الدولة): من خلال توفير الإطار التشريعي الملائم الذي تتيح المشاركة في القوانين التي تسمح بتشكيل المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني ولا تقمعها، إلى إعطاء صلاحيات إدارية ومالية مناسبة لهيئات الحكم المحلى لتقوم بوظائفها، إلى خلق الأطر الحوارية بين جميع هذه الأطراف سواء كان في مؤسسات رسمية مثل المجالس النيابية او المجلس الاقتصادي والاجتماعي، أو في هيئات أو لقاءات غير رسمية لكنها منظمة مثل اللقاء الدوري مع الهيئات المدنية والحوار معها حول السياسات العامة.

ب- المجتمع المدني: أصبح مفهوم المجتمع المدني ملازما للدول العصرية، حيث حل محل مصطلح المجتمع الفاضل في الفلسفة السياسية، وبالتالي لم نعد نتحدث عن علاقات مباشرة بين المواطن و الدولة، وإنما عن علاقات غير مباشرة تتوسطها مؤسسات وتنظيمات المجتمع المدني من أحزاب، جمعيات، هيئات، نقابات، مؤسسات إعلامية وغيرها.

ولتحديد مفهوم المجتمع المدني يجب التركيز على أربعة عناصر تتمثل في: فكرة الطواعية، فكرة المؤسسية، فكرة الاستقلالية، الارتباط بمنظومة من المفاهيم (حقوق الإنسان، المواطنة، المشاركة السياسية والشرعية).

ت- القطاع الخاص: هناك تحول واضح لدى معظم الدول نحو الاعتماد على القطاع الخاص واقتصاد السوق إضافة إلى تطبيق برامج الإصلاح الاقتصادي من قبل العديد من الدول النامية، الذي يعمل على تحرير الأنظمة المالية والنقدية والتجارية التي تعتمد على أهمية القطاع الخاص في تحقيق التنمية الاقتصادية؛ ومن ثم الاجتماعية، والقطاع ذو أهمية بالغة حيث أنه يمثل المورد الرئيسي للفرص التي تفتح المجالات الاقتصادية لتشغيل اليد العاملة على كافة المستويات، إضافة إلى تأهيلها لتحقيق النتائج الايجابية التي تساهم في التنمية الاقتصادية للمجتمع، ورفع مستوى المعيشة وتحسين الخدمات.

من الطبيعي أن العدالة في النمو واتساع نطاق القطاع الخاص والمشاركة الفعالة وكذا التحكم في التجارة الدولية، لا يمكن تحقيقها من خلال نظام التسوق فقط فالحكومة تستطيع بدورها تطوير القطاع وإدامته وذلك من خلال الآليات التالية:

- خلق بيئة اقتصادية كلية مستقرة .

- إدامة التنافسية في الأسواق .

- التأكيد على حصول الفقراء و الفئات ذوي الدخل الضعيف على فرص و تسهيلات مالية للمساهمة في دفع الإنتاجية وتحسين أوضاعهم المعيشية.

- استقطاب الاستثمارات والتي تساعد على نقل المعارف والتكنولوجيا للطبقات الفقيرة بشكل خاص.

- تنفيذ القوانين والالتزام بها و تحفيز تنمية الموارد البشرية وكذا المحافظة على البيئة.

 

5- أبعاد الحكم الراشد:

وتتمثل أبعاد الحكم الراشد فما يلي:

أ- البعد السياسي: يكمن البعد السياسي للرشادة أو الحكم الراشد في ضرورة تفعيل الديمقراطية التي تعتبر شرطا أساسيا لتجسيد الحكم الراشد وذلك من خلال:

* تنظيم انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، تسمح بمشاركة احزاب سياسية ومواطنين في اطار القانون.

* مشاركة سياسية واسعة النطاق ليس فقط في إطار المكانيزمات الانتخابية (المشاركة  الدورية)، وإنما في إطار الامكانات المتاحة للجماعات والمجتمع المدني لممارسة السلطة الدولة الحقوقية التي تفرض ليس فقط خضوع المواطنيين والحكام للقانون، وإنما كذلك وجود سلطة قضائية مستقلة وقادرة على تطبيق القوانيين.

 * صحافة مستقلة ومنافسة قادرة على تشكيل رأي عام تام وواع. 

* هيئة برلمانية مسؤولة تتمتع بعملية التحقيق، ونظام اتصالي وإعلامي يجعلها في اتصال واستشارة مباشرة ودائمة مع الناخبين والسلطة التنفيذية.

ب- البعد الإداري و التقني: يشمل نسق العمل العام الذي من خلاله يتم اعداد السياسات العامة وتطبيقها وتقييمها من طرف الآلة الإدارية، ويتكون هذا النسق من مجموع الوظيف العمومي: أي مجموع الموارد المادية والمعنوية والمالية الذي وضعته الدولة بهدف اشباع رضي المدارس لممارسة نشاطات المصلحة العامة.

ت- البعد الاقتصادي: يكمن البعد الاقتصادي في "إرشادة الرشادة الاقتصادية" و التي تعني عملية تشتمل أساليب و إجراءات اتخاد القرارات التي تكون لها تأثيرات على النشاطات الاقتصادية للدولة وعلاقتها الاقتصادية مع دول أخرى ونجد مرجعيتها في بيئة العلاقات الاقتصادية والقواعد التي تنظم عملية انتاج وتوزيع الموارد والخدمات داخل مجتمع معين وبتعبير آخر نجد مرجعية الرشادة الاقتصادية في العلاقات السوسيو اقتصادية أي الشق الاقتصادي الليبرالي.

 

6- الأسس النظرية للحكم الراشد:

أولا: الأسس النظرية للحكم الراشد حسب البنك الدولي:

إن الأسس النظرية للحكم الراشد تحدد باعتبارها تشمل:

أ- العملیة التي بواسطتها یتم اختیار الحكومات ومراقبتها واستبدالها، ویتكون هذا الأساس من الرأي والمساءلة، وعدم الاستقرار والعنف السياسي.

* الرأي والمساءلة: تشمل عددا من المؤشرات تقيس جوانب عدة من العملية السياسية والحريات المدنية، والحقوق السياسية، واستقلال الإعلام، ومن ثمة فإن هذه الفئة تقيس مدى قدرة المواطنين لبلد ما على المشاركة في اختيار الحكومات، ومراقبة أصحاب السلطة ومساءلتهم.

* الاستقرار والعنف السياسي: الجمع بين مؤشرات تقيس مدى الشعور بإمكانية زعزعة الاستقرار وإسقاط الحكومات بوسائل دستورية أو عنيفة.

ب- قدرة الحكومة على صیاغة سیاسات سلیمة وتنفيذها بفعالیة، ویتكون هذا الأساس من فعالية الحكومة ونوعية التشريعات.

* فعالية الحكومة: تشمل مؤشرات الخدمة العامة، ونوعية البيروقراطية، وكفاءة المواطنين، واستقلال الإدارة عن الضغوط السياسية، ومصداقية الحكومة في التزامها بالسياسات، وتستند كافة المؤشرات إلا ما يلاحظه الناس أو ما يشعرون به.

* نوعية التشريعات.

ت- احترام المواطنين و الدولة، التي تحكم التسيير الاقتصادي والاجتماعي ویتكون هذا الأساس من حكم القانون ومستوى الفساد.

* حكم القانون: تتمثل في مؤشرات تقيس مدى شعور المواطنين بالثقة في القواعد المطبقة، وكفاءة القضاء.

* مستوى الفساد: و يشمل هذا المقياس مدى تأثير الفساد على بيئة الأعمال كما حدد البنك الدولي أيضا عددا من المؤشرات لقياس نوعية الحكم في تقريره الخاص بالحكم الراشد في الشرق الأوسط و شمال أفريقيا، تتمثل في:

- مقیاس المساءلة العامة ويشمل: درجة انفتاح المؤسسات السياسية في البلد، درجة المشاركة و نوعيتها، احترام الحريات المدنية، شفافية الحكومة، حرية الصحافة.

- مقیاس نوعیة الإدارة ويشمل: فعالية البيروقراطية، احترام قواعد القانون، حماية حقوق الملكية، مستوى الفساد، نوعية التشريعات، آليات المساءلة الداخلية .

ثانياً: الأسس النظرية للحكم الراشد حسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

إن الأسس النظرية للحكم الراشد حسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تتمحور أساسا حول التنمية البشرية والتي من خلالها يتم تصنيف نوع الحكم و قياسه، أما حسب فكرة التنمية البشرية المستدامة فيرتبط مفهوم الحكم الراشد بالمؤشرات التالية:

أ- التمكین: أي توسيع قدرات المواطنين وخياراتهم، وإمكانية ممارستهم لحرية الاختيار بعيدا عن الجوع والحرمان، وبالتالي إمكانية مشاركتهم الفعلية في القرارات التي تتعلق بحياتهم.

ب- التعاون: ويتضمن مفهوم الانتماء، والاندماج، والتضمنية كمصدر أساس ي لإشباع الذاتي الفردي، حيث التعاون هو التفاعل الاجتماعي الضروري.

ت- العدالة في التوزیع: وتشمل الإمكانيات والفرص وليس الدخل فقط.

ث- الاستدامة: تتضمن القدرة على تلبية حاجيات الجيل الحالي، من دون التأثير سلبا في حياة الأجيال اللاحقة، وحقها في العيش الكريم.

ج- الأمان الشخصي: يتضمن الحق في الحياة بعيدا عن أي تهديدا ت أو أمراض معدية أو قمع أو تهجير.

 

 

المصادر والمراجع:

نوري صابر، أطروحة مقدمة لنيل درجة الماستر بعنوان: الحكم الراشد بين الأسس النظرية وآليات التطبيق دراسة في واقع التجربة الجزائرية، كلية الحقوق و العلوم السياسية، جامعة العربي بن مهيدي-أم البواقي-، 2019- 2020

أزروال يوسف، أطروحة مقدمة لنيل درجة الماجستير بعنوان: الحكم الراشد بين الأسس النظرية و آليات التطبيق دراسة في واقع التجربة الجزاىرية، كلية الحقوق، جامعة العقيد الحاج لخضر باتنة، 2008- 2009

صونية قوراري، حرية الإعلام وتجسيد مفهوم الحكم الراشد في الجزائر، مجلة العلوم الإنسانية، جامعة محمد خيضر بسكر، العدد 46

المحاضرة 01: الحكم الراشد تعريف المفهوم 

شريط كمال، خلوفي سفيان، مفهوم الحكم الراشد وعلاقته بالتنمية المستدامة، مجلة دراسات في الاقتصاد وإدارة الأعمال،  العدد 02، ديسمبر 2018

المحاضرة(01) الحكم الراشد

 

إقرأ أيضاً

شارك أصدقائك المقال

ابقى على اﻃﻼع واشترك بقوائمنا البريدية ليصلك آخر مقالات ومنح وأخبار الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ

ﺑﺘﺴﺠﻴﻠﻚ في ﻫﺬﻩ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ البريدية، فإنَّك ﺗﻮاﻓﻖ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻼم اﻷﺧﺒﺎر واﻟﻌﺮوض والمعلوﻣﺎت ﻣﻦ الموسوعة اﻟﺴﻴﺎﺳﻴّﺔ - Political Encyclopedia.

اﻧﻘﺮ ﻫﻨﺎ ﻟﻌﺮض إﺷﻌﺎر الخصوصية الخاص ﺑﻨﺎ. ﻳﺘﻢ ﺗﻮفير رواﺑﻂ ﺳﻬﻠﺔ لإﻟﻐﺎء الاشترك في ﻛﻞ ﺑﺮﻳﺪ إلكتروني.


كافة حقوق النشر محفوظة لدى الموسوعة السياسية. 2024 .Copyright © Political Encyclopedia